التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الصحه النفسيه

الصحة النفسية يُعتبر الإنسان هو اللبنة الأساسيّة للمجتمع وجوهر بنائه، فالإنسان السوي هو مصدر النهضة والفكر والتقدّم، ولكي يقوم الفرد بأداء واجباته ومهامه الذاتيّة والاجتماعيّة على أكمل وجه لا بد أن يكون متمتّعاً بصحة نفسيّة عالية تخلو من الاضطرابات والمشاكل التي تؤثر بشكل سلبيّ في بذله وعطائه وإنجازاته، فالفرد المصاب باضطراب أو خلل نفسيّ له أثر سلبي يعود على ذاته وعلى الآخرين من حوله، فيقف عائقاً في وجه تقدّمه وإنجازاته، لذا فظهرت الأهميّة الكبيرة لدراسة للصحة النفسيّة التي تصل بالفرد إلى الانسجام والتوافق النفسي والاجتماعي، والقدرة العالية على الإنتاجية والسعادة والعطاء.[١] تعريف الصحة النفسية يتفق العلماء والأطباء على أنّ الصحة الجسمية هي سلامة الجسم من الأمراض والآلام وسلامة الأعضاء الداخلية، بالإضافة إلى سلامة سير العمليات الحيويّة ووظائفها بشكل نشط، إلا أنّ تعريف الصحة النفسية لا يمكن أن يكون بهذه البساطة كما رأى بعض العلماء، حيث إنّ مدلولات النفس ومكنوناتها ومستوى سلامتها وتوافقها ليست ماديّة ملموسة من الممكن قياسها، إنما يُستدلّ عليها من خلال السلوك الخارجيّ للفرد وتفاعلاته واستجاباته، وتختلف تعريفات الصحة النفسيّة باختلاف المجتمعات وثقافتها والقواعد السلوكيّة التي تجري بها، وباختلاف المعتقدات والثقافات التي يتبناها العلماء،[٢]، وبناء على ذلك فإنّ التعريف البسيط والشامل للصحة النفسية: هي حالة الفرد السائدة والمستمرة والتي يكون فيها مستقراً ومتوافقا نفسيّاً واجتماعيّاً، بالإضافة إلى الشعور بالسعادة مع الذات ومع الآخرين، وبالتالي القدرة على تحقيق وتقدير الذات، واستغلال المهارات والكفاءات الذاتية بأقصى حد ممكن، أي أنها السمة الإيجابية التي يتمتع بها سلوك الفرد واتجاهاته تجاه ذاته وتجاه الآخرين، فيكون بذلك فرداً سعيداً ومتوازناً وحسن الخلق.[٣] أهمية الصحة النفسية للصحة النفسية الأهمية الكبرى التي تعود على الفرد والمجتمع، فهي تزرع السعادة والاستقرار والتكامل بين الأفراد، كما لها الدور المهم في اختيار الأساليب العلاجية السليمة والمتوازنة للمشكلات الاجتماعية التي قد تؤثر في سلامة عملية النمو النفسي للفرد، ويمكن تلخيص بعض النقاط المهمة لأهمية الصحة النفسية على النحو الآتي:[٤] الاستقرار الذاتي للفرد، فتكون حياته خالية من التوترات والمخاوف والشعور الدائم نسبياً بالهدوء والسكينة والأمان الذاتي. إن الصحة النفسية تُنشئ أفراداً مستقرّين وأسوياء، فكلما كان الأهل يتمتعون بالقدر المناسب من الصحة النفسيّة كانت إمكانيّة تنشئتهم لأطفال أسوياء نفسياً أكبر، فالأسرة المستقرة نفسيّاً تتمتع بالتماسك والتآزر والقوة الداخليّة والخارجيّة، وبالتالي فهي تزيد المجتمع قوةً وتماسكاً. الصحة النفسيّة فعَّالة لذات الفرد، فهي تتيح له الفرصة بفتح آفاق نفسه والقدرة على فهم ذاته والآخرين من حوله، وتجعله أكثر مقدرة على سيطرة وضبط العواطف والانفعالات والرغبات، وتوجيه السلوك بشكل سليم بعيداً عن الاستجابات غير السويّة. تمتُّع الفرد بالصحة النفسيّة تجعله أكثر قابلية للتعامل الإيجابي مع المشكلات المختلفة وتوازن الانفعالات عند الوقوع تحت الضغوط الحياتيّة المختلفة، والتغلب عليها، وتحمل المسؤوليات دون الهرب والانسحاب. الصحة النفسية تجعل الفرد متوافقاً مع ذاته متكيّفاً مع مجتمعه، فغالباً ما تكون سلوكياته سليمة ومحبوبة ومرضية لمن حوله. كما أنّ للصحة النفسية الأهمية الكبرى على الصعيد الاقتصاديّ والمجالات الإنتاجية، وتحقيق مبدأ التنمية الاجتماعية، حيث إنّ الفرد المتمتّع بالصحة النفسيّة قابل لتحمل المسؤولية واستعمال طاقاته وقدراته وكفاءاته إلى الحد الأقصى، فالشخصية المتكاملة للفرد تجعله أكثر فاعلية وإنتاجية. عوامل تدهور الصحة النفسية إنّ حياة الفرد الاجتماعية والنفسية والبيئية تؤثر سلباً أو إيجاباً في معدل الصحة النفسيّة التي يتمتع بها، حيث أكدت منظمة الصحة العالمية في تقريرها المختصر عن الصحة النفسيّة على اختلاف وتنوع العوامل المؤثرة في الصحة النفسية، كالاعتلالات الجسميّة، وأمراض القلب، والاكتئاب، والأنماط الصحيّة غير السليمة، وتعاطي المخدرات والأدوية، بالإضافة إلى الفقر، والحروب، وفقدان الأمن، وانتشار اليأس، وتدني الدخل، وانتشار البطالة، وانتهاكات حقوق المرأة والطفل، وأساليب التنشئة الأسرية العنيفة وغير السليمة وغيرها، جميع هذه العوامل البيئيّة والنفسيّة والاجتماعيّة من شأنها حرمان الأفراد من التمتع بالاستقرار النفسي والصحة النفسية، وبالتالي انتشار وظهور الانحرافات وحالات القلق والأنماط السلوكيّة غير السليمة وغيرها الكثير من الآثار السلبية.[٥] طرق تعزيز الصحة النفسية هناك الكثير من الطرق والأساليب لتعزيز الصحة النفسيّة في حياة الفرد لذاته ولمن حوله، وهي على سبيل الذكر وليس الحصر:[٦] الاهتمام بتلبية الحاجات البيولوجية الأساسية من طعام وشراب ونوم وراحة. المساعدة على تكوين الصورة الإيجابيّة والاتجاه السليم نحو الذات عن طريق الإيحاءات الإيجابيّة للذات في جميع المواقف. الاسترخاء قدر الإمكان في جميع المواقف الحياتيّة، والابتعاد عن مصادر القلق النفسي والتوتر والخوف. الاهتمام بالمظهر العام والمحافظة على النظافة الشخصية والمظهر الأنيق والمرتب. تحديد هدف واضح للحياة والسعي المستمر والدؤوب لتحقيقه. التنشئة الأسريّة السليمة والخالية من العنف تجاه الأطفال والمراهقين. مظاهر الصحة النفسية تظهر ثمرات الصحة النفسية على الفرد في جميع جوانبه الشخصية والاجتماعية التفاعلية، وكانت كالآتي:[٧] التوازن والنضج الانفعالي: حيث يكون الفرد قادراً على الاتزان في الاستجابات والانفعالات تجاه المثيرات المختلفة، والقدرة على مواجهة الضغوط والتغلب عليها، بالإضافة إلى القدرة على التعبير عن الانفعالات بطريقة واضحة وناضجة بعيداً عن المبالغة. الدافعية: والدافعية هي المحفّز الداخليّ الذي يدفع الفرد إلى الإنجازات المختلفة والسعي الداخلي الدائم لتوجيه القدرات والإمكانات لتحقيق الأهداف. الشعور بالسعادة: وهي من أبرز مظاهر الصحة النفسية نظراً للاستقرار النفسي والأمان والطمأنينة الداخلية. التوافق النفسي: وهو عبارة عن التقبّل الداخلي للذات وقدراتها وإمكاناتها، والقدرة على الحصول على الدرجة اللازمة من الإشباع للحاجات في البيئة ومراعاة المتغيرات المحيطة. المراجع ↑ نصيرة بن الشيخ، صفية بالزين (2014)، الصحة النفسیة وعلاقتھا بالأداء الوظیفي لدى عمال المحطة الجھویة للإذاعة والتلفزیون، الجزائر: جـامعة قاصدي مرباح ورقلة، صفحة 10. ↑ "تعريفات الصحة النفسية"، مجلة المسلم المعاصر اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2017. ↑ حامد زهران (1997)، الصحة النفسية والعلاج النفسي (الطبعة الثالثة)، القاهرة: عالم الكتب، صفحة 9. ↑ "معنى الصحة النفسية وأهميتها على الفرد والمجتمع"، مكتبة هنا كتبي، اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2017. ↑ منظمة الصحة العالمية، الصحة النفسية ، صفحة 17. ↑ برنامج غزة للصحة النفسية (2016)، دليل تدريبي-الصحة النفسية وحقوق الإنسان، صفحة 28. ↑ نصيرة بن الشيخ، صفية بالزين، الصحة النفسیة وعلاقتھا بالأداء الوظیفي لدى عمال المحطة الجھویة للإذاعة والتلفزیون، صفحة 26.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخدمه الاجتماعيه في مجال رعاية الأحدث

الخدمه الإجتماعيه فى رعاية الأحداث تمثل التنشئة الأسرية والبيئة الطبيعية للشريحة العمرية حتي الثامنة عشرة المظلة والحضن الواقي والمنيع ضد الشوائب والملوثات البيئية المحيطة كما أن الرعاية المجتمعية العلمية والنفسية التي تلائم متطلبات هذه الشريحة العمرية تقي الفرد والأسرة من أمراض وسلبيات التدهور الاجتماعي والانحراف السلوكي والاخلاقي الذي قد يصل إلي حد الجنوح والعصيان وارتكاب الجريمة في أحيان كثيرة؟ تعريف الحدث : الحدث هو كل ذكر أو أنثي لم يبلغ من العمر تمام السنة الثامنة عشرة بينما سن الرشد في القانون المدني هو 21 سنة. القانون الجزائي في الكثير من دول العالم اعتبر أن سن 18 سنة يمتلك الارادة والقدرة علي التفكير والتركيز والتمييز بين الخطأ والصواب أما الحدث المنحرف فهو كل حدث أكمل السنة السابعة من عمره ولم يبلغ سن الثامنة عشرة وارتكب فعلاً يعاقب عليه القانون. عموماً. يعتبر الحدث معرضاً للانحراف إذا وجد في حالات معينة مثل وجوده في حالة تسول أو أن يمارس عملاً هامشياً لا يصلح يكون وجدي للعيش أو أن يقوم الحدث بأعمال القمار أو الفجور أو المخدرات... حتي ولو كان يقوم بذلك لخدمة أناس آخرين...

مراحل تنظيم المجتمع

تنظيم المجتمع يرغب كل مجتمع في تنظيم نفسه واستغلال موارده المتاحة لأقصى حد ممكن، وتعتبر عملية التنظيم من المسؤوليات الكبيرة التي تقع على عاتق الممارسين التنمويين في داخل وخارج المجتمع، من أجل النهوض بالمجتمع اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، وفكرياً، وسنتناول في هذه المقالة مراحل تنظيم المجتمع التي تساهم في تكوين تنظيم مجتمعي نشط وفعّال. مراحل تنظيم المجتمع المرحلة التمهيدية تشتمل هذه المرحلة التعرّف على المجتمع من خلال معايشته وليس دراسته من الخارج، حيث تتضمن إمكانية التعرف على المجتمع عن طريق معرفة قيمه، وحدوده، ومعاييره، وجماعاته، وأصحاب السلطات فيه، والمشكلات، والحاجات، والموارد البشرية، والمادية المتاحة، كما تتضمّن المرحلة التمهيدية كسب ثقة الأهالي، وتكوين العلاقة المهنية، حيث يؤثر ذلك على مدى تقبل المجتمع لفكرة المنظم الاجتماعي، ونجد أنّ هذه المرحلة تنتهي من خلال عمليات تنظيم المجتمع، حيث يمكن أن تكون على شكل لجنة، أو مؤتمر، أو مجلس يجمع بين القيادات، والمنظمات الاجتماعية، والخبراء، وكلّ جهة يمكنها أن تساند طريقة تنظيم المجتمع. المرحلة التخطيطية تبدأ المرحلة التخطيطية بالمشاركة ا...

الطفوله في علم النفس

تعريف الطفولة الطفولة هي أول مرحلة من المراحل النمائيّة العمريّة التي يمرّ بها الإنسان، وتبدأ منذ لحظة الولادة وحتى سن البلوغ، ويتحدد معناها اللغوي بالفترة الزمنيّة بين ولادة الإنسان طفلاً حتى وصوله إلى مرحلة البلوغ،[١] ويشير معناها الاصطلاحي إلى أنّها إحدى مراحل عمر الإنسان الزمنيّة والنمائيّة الممتدة منذ لحظة الولادة وحتى مرحلة البلوغ،[٢] وفي قاموس علم الاجتماع تُعرّف الطفولة أنّها المرحلة أو الفترة من عمر الطفل، التي تبدأ حين ولادته وتنتهي بوصوله إلى ما يُسمى بالرشد، ولم يُحدّد هذا التعريف السن النهائيّ لانتهاء هذه المرحلة، إلا أنه ربط نهاية هذه المرحلة بالوصول إلى الرشد، ويكون تقدير ذلك بالعُرْف المجتمعيّ الذي يختلف باختلاف البيئات والثقافات.[٣] مراحل الطفولة في علم النفس يمر الإنسان في حياته بمراحل عمريّة متتابعة تتخللها سلسلة من التطورات النمائيّة تبدأ منذ ولادته مروراً بالمراهقة، والشباب، والكهولة حتى تنتهي بالوفاة، أما مرحلة الطفولة فهي مرحلة الارتكاز الأساسيّ في بناء الشخصية الإنسانية وأبعادها وأنماطها، ففهم هذه المرحلة ومعرفة خصائصها النمائيّة له أهميّة كبيرة في تكوين شخصية...